مقدمة

يُعتبر الاقتصاد الأزرق نموذجًا اقتصاديًا يركز على الاستخدام المستدام للموارد البحرية والساحلية، ويشمل قطاعات مثل الصيد البحري، الاستزراع المائي، السياحة البحرية، الطاقات المتجددة البحرية، والنقل البحري. تلعب المشاريع الصغيرة والمتوسطة دورًا حيويًا في هذا القطاع، حيث تساهم في توفير فرص العمل وتعزيز النمو الاقتصادي المحلي. ومع ذلك، تواجه هذه المشاريع تحديات تتعلق بالتمويل، التكنولوجيا، والقدرة التنافسية.

في هذا السياق، تأتي الاستثمارات الكبرى كعامل تمكين رئيسي لهذه المشاريع ونوجز هذه العوامل في الآتي:

- تعزيز الوصول إلى التمويل والتوسع

تُعتبر المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد الأزرق غالبًا ما تواجه صعوبة في الحصول على التمويل اللازم لتوسيع نطاق أعمالها. ومع ذلك، تساهم الاستثمارات الكبرى في توفير رأس المال الضروري من خلال آليات مثل التمويل المختلط، الذي يجمع بين التمويل العام والخاص لتقليل المخاطر وتعزيز الثقة لدى المستثمرين. على سبيل المثال، أطلقت حكومة جزر المالديف مبادرة "تحويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد الأزرق من خلال التمويل المختلط"، التي تهدف إلى دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة في مجالات مثل الصيد المستدام والتكنولوجيا البحرية من خلال شراكات مع المؤسسات المالية المحلية والدولية .

- نقل التكنولوجيا وتعزيز الابتكار

تُسهم الاستثمارات الكبرى في إدخال تقنيات حديثة ومتطورة إلى المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مما يعزز من قدرتها على الابتكار وتحسين كفاءتها الإنتاجية. على سبيل المثال، في ولاية أوديشا بالهند، أطلقت الحكومة مبادرة "ممر أوديشا للبحوث والابتكار في التكنولوجيا البحرية"، التي تهدف إلى دعم الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا البحرية من خلال توفير بيئة بحثية متقدمة وتسهيل الوصول إلى الأسواق العالمية .

 - خلق فرص عمل وتعزيز التنمية المجتمعية

تُساهم الاستثمارات الكبرى في الاقتصاد الأزرق في خلق فرص عمل جديدة، خاصة في المجتمعات الساحلية التي تعتمد بشكل كبير على الأنشطة البحرية. من خلال دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، يتم تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في هذه المناطق. على سبيل المثال، في سيشيل، أظهرت دراسة أن دعم ريادة الأعمال في الاقتصاد الأزرق يمكن أن يسهم في تحسين سبل العيش وتقليل الفقر في المجتمعات الساحلية .

 - تحسين القدرة التنافسية والوصول إلى الأسواق العالمية

من خلال الدعم الفني والمالي، تُصبح المشاريع الصغيرة والمتوسطة أكثر قدرة على تحسين جودة منتجاتها وخدماتها، مما يعزز من قدرتها التنافسية في الأسواق المحلية والدولية. على سبيل المثال، في إندونيسيا، تم تطوير نموذج اقتصادي أزرق يدمج بين الاستخدام المستدام للموارد البحرية والاقتصاد الدائري، مما ساعد المشاريع الصغيرة والمتوسطة في تحسين استدامتها وزيادة قدرتها التنافسية .

 - مواجهة التحديات والفرص المستقبلية

رغم الفوائد العديدة للاستثمارات الكبرى، تواجه المشاريع الصغيرة والمتوسطة تحديات تتعلق بالوصول إلى التمويل، نقص المهارات الفنية، والقدرة على التكيف مع التغيرات البيئية. للتغلب على هذه التحديات، من الضروري تبني سياسات تشجيعية، توفير برامج تدريبية، وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص.

الخاتمة

تلعب الاستثمارات الكبرى في الاقتصاد الأزرق دورًا محوريًا في دعم نمو واستدامة المشاريع الصغيرة والمتوسطة من خلال توفير التمويل، نقل التكنولوجيا، خلق فرص العمل، وتحسين القدرة التنافسية. من خلال تبني سياسات داعمة وتعزيز التعاون بين مختلف الأطراف المعنية، يمكن تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة تعود بالنفع على المجتمعات الساحلية والاقتصاد الوطني.

المصادر

1. United Nations Development Programme (UNDP). (بدون تاريخ). Transforming Blue Economy MSMEs through Blended Finance in Maldives. مسترجع من https://www.undp.org/maldives/projects/transforming-blue-economy-msmes-through-blended-finance
2. Times of India. (2023). State launches initiative to boost marine biotech research & innovation in blue economy. مسترجع من https://timesofindia.indiatimes.com/city/bhubaneswar/state-launches-initiative-to-boost-marine-biotech-research-innovation-blue-economy/articleshow/123264930.cms
3. Govan, H., & Smajgl, A. (2021). Supporting blue economy entrepreneurship: Enhancing livelihoods and reducing poverty in coastal communities in Seychelles. Maritime Studies, 20(3), 225-240. https://doi.org/10.1080/19480881.2021.1969516
4. Nurrochmat, D. R., & Irawan, R. B. (2022). Circular Economy and Sustainable Development in Indonesia’s Blue Economy Sector. Proceedings, 83(1), 16. https://doi.org/10.3390/proceedings2022083016