يُعتبر الاقتصاد الأزرق أحد المفاهيم الحديثة التي تركز على استثمار الموارد البحرية والساحلية بطريقة مستدامة، بما يسهم في تعزيز النمو الاقتصادي، خلق فرص عمل، والحفاظ على البيئة البحرية. وفي هذا السياق، تحتل غابات المانغروف موقعًا استراتيجيًا في صميم الاقتصاد الأزرق، نظرًا لما توفره من خدمات بيئية واقتصادية واجتماعية بالغة الأهمية.
المانغروف: رئة السواحل وحصنها الطبيعي
تُعد غابات المانغروف من النظم البيئية الساحلية الفريدة، حيث تقوم بعدة أدوار حيوية، أبرزها:
-
الحماية الطبيعية للشواطئ من التعرية وارتفاع مستوى سطح البحر، ما يقلل من المخاطر المرتبطة بالكوارث المناخية.
-
التخفيف من آثار تغير المناخ عبر قدرتها العالية على تخزين الكربون الأزرق، وهو أحد أهم الحلول الطبيعية لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري.
-
تعزيز التنوع البيولوجي البحري من خلال توفير موائل غنية لآلاف الأنواع من الأسماك والطيور والكائنات الدقيقة.
-
دعم الأمن الغذائي وسبل العيش لمجتمعات الصيادين الساحلية، كونها مناطق حضانة طبيعية للأسماك والقشريات.
الواقع اليمني وتحديات المانغروف
شهدت السواحل اليمنية خلال العقود الماضية تدهورًا ملحوظًا في نظم المانغروف البيئية بسبب ضغوط بشرية مثل التوسع العمراني وقطع الأشجار الجائر، إلى جانب آثار التغيرات المناخية. وقد انعكس هذا التدهور على:
-
انخفاض المخزون السمكي.
-
تراجع دخل الصيادين الساحليين.
-
ارتفاع هشاشة المجتمعات الساحلية أمام الكوارث البيئية.
المانغروف كجزء من الاقتصاد الأزرق في اليمن
إعادة تأهيل غابات المانغروف وزراعتها يُمكن أن يشكل مدخلًا رئيسيًا لليمن لتعزيز اقتصادها الأزرق عبر:
-
تنمية الثروة السمكية بشكل مستدام، مما يزيد من الإنتاجية ويدعم الأسواق المحلية والدولية.
-
خلق فرص عمل خضراء في مجالات الزراعة الساحلية، الإيكوتورزم (السياحة البيئية الساحلية)، وخدمات البيئة.
-
جذب التمويل المناخي الدولي عبر مشروعات الكربون الأزرق.
-
تحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs)، لا سيما الهدف 14 (الحياة تحت الماء) والهدف 13 (العمل المناخي).
نحو مستقبل مستدام
إن إدماج غابات المانغروف ضمن رؤية اليمن للاقتصاد الأزرق لا يمثل مجرد خيار بيئي، بل هو استثمار اقتصادي واجتماعي يضمن استدامة الموارد الطبيعية ويحمي الأجيال القادمة. ومن هنا، فإن مشاريع مثل زراعة 100,000شتلة مانغروف في40 منطقة ساحلية تمثل خطوة عملية نحو تحقيق هذا التكامل بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة.
م/ ناصر عطروس
Be the first to comment!