بنك كنوز فرسان الجيني

بنك كنوز فرسان الجيني

ورقة سياسة بنك كنوز فرسان الجيني

العنوان: "بنك كنوز فرسان الجيني ": تأسيس أول بنك سيادي في العالم للجينات البحرية المقاوِمة للملوحة والحرارة، وتحويلها إلى أصول فكرية ذات قيمة استراتيجية

الفكرة المحورية:

في الوقت الذي يبحث فيه العالم عن حلول لمواجهة تغير المناخ وملوحة الأراضي، تمتلك السعودية على البحر الأحمر وفي مياهه كنزاً لا يقدر بثمن وأكثر قيمة من النفط: الجينات. الكائنات الحية في بحار البحر الأحمر (الطحالب، البكتيريا، النباتات الملحية "الهالوفايت") قد تطورت عبر آلاف السنين لتصبح من الأكثر قدرة على تحمل الحرارة والملوحة الشديدة في العالم. حيث تعتبر السعودية من الدول التي تملك أطول شريط ساحلي على البحر الأحمر يقد 2600 كيلومتر طولي

هذا المشروع لا يهدف إلى بيع هذه الكائنات، بل إلى استخلاص "شيفرتها الجينية" المقاوِمة، وتسجيلها كبراءات اختراع وملكية فكرية باسم مملكة العربية السعودية، ثم ترخيص استخدام هذه الجينات للشركات العالمية العملاقة في مجال الزراعة والأدوية.

بيان المشكلة (من منظور استراتيجي مستقبلي):

المشكلة أن الشركات العالمية الكبرى في مجال التكنولوجيا الحيوية (Bio-Tech) تجوب العالم بحثاً عن هذه الموارد الجينية (فيما يعرف بالـ Bioprospecting). إذا لم نتحرك الآن، سيأتي آخرون، يأخذون عينات من نباتاتنا وطحالبنا، يسجلون جيناتها كبراءات اختراع خاصة بهم، ثم يبيعون لنا في المستقبل محاصيل معدلة وراثياً (باستخدام جيناتنا!) بأسعار باهظة. نحن على وشك أن نُسرَق في ثروتنا الأكثر قيمة دون أن ندري.

كيف يعمل النموذج؟

المرحلة الأولى: المسح والتجميع (بناء الأصول)

إطلاق "البعثات الوطنية للكنوز الجينية": فرق من العلماء والباحثين السعوديين (بالتعاون مع خبراء دوليين موثوقين) تقوم بمسح شامل للسواحل والجزر الملكة لجمع عينات من كل كائن حي يُظهر خصائص فريدة في مقاومة الملوحة والحرارة والجفاف.

تأسيس "بنك كنوز فرسان الجيني" في جزيرة فرسان منطقة جازان: إنشاء مرفق فائق التطور والأمان في الجزيرة (لرمزيتها وعزلتها)، يتم فيه حفظ هذه العينات الحية وتجميد شيفرتها الوراثية (Cryopreservation). يصبح هذا البنك هو "البنك المركزي" للثروة البيولوجية في الملكة.

المرحلة الثانية: فك الشيفرة والتسجيل (تحويل الأصل إلى ملكية فكرية)

المشروع الوطني للجينوم السعودي": شراكة استراتيجية مع أفضل مختبرات الجينوم في العالم (مع ضمان بقاء الملكية الفكرية للملكة) لفك تسلسل الحمض النووي لهذه الكائنات وتحديد الجينات المسؤولة عن مقاومتها.

مكتب براءات الاختراع البيولوجية": تأسي هيئة قانونية سعودية متخصصة، وظيفتها الوحيدة هي تسجيل هذه التسلسلات الجينية كبراءات اختراع وملكية فكرية باسم "كنوز فرسان البحر الاحمر" في المنظمات العالمية (مثل WIPO).

المرحلة الثالثة: الترخيص والتسويق (تحقيق العائد الاقتصادي)

نموذج "الترخيص مقابل الإتاوات" (Licensing for Royalties): بدلاً من بيع الجين، تقوم السعودية بترخيص حق استخدامه لشركات عالمية (مثل Bayer, Syngenta) لتطوير سلالات جديدة من القمح أو الأرز أو الطماطم القادرة على النمو في الأراضي المالحة أو باستخدام مياه البحر.

العائد: مقابل كل كيس بذور تبيعه هذه الشركات في أي مكان في العالم، تحصل الدول الدول تلك  على "إتاوة" (Royalty) بنسبة مئوية (مثلاً 1-2%). قد تبدو النسبة صغيرة، لكن على نطاق عالمي، هذا يعني مليارات الدولارات سنوياً.

"صندوق سيادي للأجيال الجينية": يتم إيداع كل هذه الإتاوات في صندوق سيادي جديد، لا يمس، وتستخدم عائداته لتمويل التعليم والصحة والبحث العلمي في البحر الأحمر إلى الأبد.

لماذا هذه الفكرة هي الأكثر ابتكاراً على الإطلاق؟

لا أحد في العالم قام بها على مستوى سيادي: بعض الدول تحمي مواردها، لكن لا توجد دولة حولت مواردها الجينية إلى "أصل مالي سيادي" منظم بهذه الطريقة. والملكة العربية السعودية ستكون الرائدة العالمي المطلق.

تستبق المستقبل: هذه ليست فكرة لحل مشاكل اليوم، بل هي فكرة لتأمين مكانة كنوز البحر الاحمر في اقتصاد القرن الحادي والعشرين، اقتصاد التكنولوجيا الحيوية.

قوة تفاوضية هائلة: بدلاً من أن يكون بعض الدول المطلة على البحر الأحمر متلقياً للمساعدات الغذائية، ستطبح بمساعدة الملكة هي من يمتلك مفتاح "الأمن الغذائي العالمي" للمناطق الجافة والمالحة.

نموذج "الثروة بدون استخراج": على عكس النفط الذي ينضب ويتطلب استخراجه تدميراً للبيئة، هذه الثروة متجددة، وحمايتها تزيد من قيمتها. نحن نجني المال من "المعلومة" الموجودة في الجين، وليس من الكائن الحي نفسه.

تخلق وظائف النخبة: ستتطلب هذه الصناعة جيلاً جديداً من علماء الجينات، خبراء الملكية الفكرية، المفاوضين الدوليين، وخبراء أخلاقيات علم الأحياء، مما يرفع مستوى رأس المال البشري في دول المطلة بشكل جذري.

الخاتمة:

هذه ليست مجرد ورقة سياسات، بل هي إعلان سيادة على المستقبل. هي رؤية لتحويل السعودية والدول العربية المطلة على البحر الاحمر من بلدان ذي موقع استراتيجي، إلى بلدان ذي "موقع جيني استراتيجي". إنها فرصة تاريخية لحماية أثمن كنوزنا، وتحويلها إلى محرك دائم للرخاء والازدهار لأجيال لا حصر لها. في الواقع، تطبيق هذه الفكرة على مستوى إقليمي لجميع الدول المطلة على البحر الأحمر لا يجعلها ممكنة فحسب، بل يجعلها أقوى وأكثر تأثيراً وابتكاراً بآلاف المرات.

الفكرة تتحول من "مشروع وطني سعودي" إلى "مبادرة حضارية" تغير موازين القوى العلمية والاقتصادية في العالم. والتي سوف يتم تلخيصها بورقة عمل تكميلية التي تمثل تتويجاً لكل ما سبق، وهي موجهة إلى جميع دول البحر الأحمر. تحت ورقة سياسة أخرى     .................. يتبع قريباإ   ورقة سياسية إقليمية  العنوان: "ميثاق البحر الأحمر للجينوم.....


م/ ناصر عطروس
Discussion (0)

Be the first to comment!

Please log in to post a comment or reply.